saudi archi logo-13.png
 
خريطة الرياض

خريطة الرياض

مباني مدينة الرياض، ويليام ڤون شريب

مباني مدينة الرياض، ويليام ڤون شريب

قصر الناصرية، جريدة الرياض

قصر الناصرية، جريدة الرياض

عمارة محمد بن فهد، تويتر

عمارة محمد بن فهد، تويتر

Mediterranean House of Human Sciences ، فيلا سكنية في حي الملز

Mediterranean House of Human Sciences ، فيلا سكنية في حي الملز

إسكان الخارجية، جائزة آغا خان

إسكان الخارجية، جائزة آغا خان

 

مايو 2020

أنماط سكنية | الرياض

تأسست الدولة السعودية  عام ١٩٠٢ م على يد الملك عبد العزيز بن عبدالرحمن آل سعود (رحمه الله) بعد أن تمكن من استعادة مدينة الرياض، والتي كانت قبل ذلك تتكون من مجموعة من القرى والمستوطنات الصغيرة التي تقع على امتداد وادي حنيفة

كانت تلك المدينة تتكون من عدد سكان لا يتجاوز ١٤ ألف نسمة وكانت محصنة بأسوار مبنية من الطين و الحجارة المصفوفة. وكانت المناطق السكنية في المدينة القديمة تتألف من منازل طينية مصطفة بجانب قصر الحكم وجامع الإمام تركي بن عبدالله -رحمه الله

بدأت معالم التغير لمدينة الرياض بالظهور في نهاية ثلاثينيات القرن الماضي، ومن أبرز هذه المعالم تشييد قصر المربع الذي ساهم في تشكيل منطقة الفوطة السكنية -ولا تزال موجودة حتى اليوم- بالإضافة إلى أنه ساهم في التوسع العمراني للمدينة باتجاه الشمال متخطيا الأسوار المحيطة مع نهاية العقد. وتميزت المنازل الطينية في تلك الحقبة بفناء داخلي مربع أو مستطيل تحيط به الغرف مما يساعد على تلطيف درجة الحرارة الداخلية، بالإضافة إلى أن أغلب تلك المنازل تحتوي على جدران جانبية مشتركة مع وجود نوافذ صغيرة على الواجهات الخارجية لتسمح بتجديد التهوية الى داخل الفناء مع الحفاظ على الخصوصية. كما كان لقصر المربع أثرا على نمط التخطيط للأحياء الناشئة خارج السور. وبنهاية الخمسينيات من القرن الماضي، ظهر حي الناصرية وتلاه حي الملز بثلاثة أعوام كأول الأحياء المخططة. ويعتبر قصر الناصرية للملك سعود بن عبدالعزيز (رحمه الله) أول مبنى في مدينة الرياض تم تشييده بالخرسانة المسلحة

وخلال تلك الفترة تم نقل الجهات الحكومية من مدينة جدة إلى مدينة الرياض، وتم البدء في تنفيذ مشروع سكني يتكون من ٧٥٤ وحدة سكنية بالإضافة إلى ثلاث عمائر للشقق السكنية في حي الملز، ويعد هذا المشروع الأول في توظيف التخطيط الحديث والنمط الشبكي للشوارع والارتدادات من جميع الجهات، وقد حدد مشروع الملز السكني نمط الأحياء المستقبلية حيث استمرت المدينة في النمو حتى بداية الستينيات، ومن أوائل تلك المباني السكنية عمارة فهد بن محمد المطلة على ميدان العدل، و تبعها عدد من العمارات السكنية على امتداد شوارع الثميري والوزير والخزان

و بنهاية الستينات، اعتمدت الخطة الرئيسية لتخطيط المدينة على "التخطيط الشبكي" لكافة الأحياء، مما أدى إلى الزيادة في التوسع الأفقي والاستمرار في استخدام الأراضي ذات المساحات الكبيرة. وبالتالي تم توحيد معايير المسكن باعتبار الفيلا هي النمط السكني المرغوب فيه

 شهدت مدينة الرياض تغيرا جوهريا خلال السبعينات والثمانينات على الصعيدين الاجتماعي والحضري أثناء الطفرة الاقتصادية. وقد أدى هذا إلى تطور الصناعة الإنشائية حيث تحولت المدينة بشكل سريع من المساكن التقليدية إلى الحديثة. و خلال هذه الفترة تم إقامة عدد من المشاريع التي ساهمت في تنشيط البيئة المعمارية ، ويعد مشروع الهيئة العامة للتأمينات الاجتماعية للإسكان مثالا على تلك الجهود 

وظهر مع تلك التطورات الأسلوب المعماري الحديث الذي تبناه عددا من المعماريين في ذلك الوقت، ومن أبرز المشاريع السكنية مشروع إسكان وزارة الخارجية في بداية الثمانينيات حيث قامت شركة آلبرت سبير وشركاءه  بتصميم حي سكني يتألف من فلل ومنازل متصلة وشبه منفصلة في مساحات تتراوح بين 1000 متر مربع إلى 175 متر مربع لكل وحدة. وقد تم إنتاج ثلاثة عشر تصميما مختلفا للمنازل مع الحفاظ على عناصر العمارة النجدية مثل الفناء الداخلي و نوافذ التهوية. و تعد ممرات المشاة كرابط بين المنازل والمرافق العامة في الحي. وقد تم محاكاة تخطيط مشروع إسكان وزارة الخارجية لاحقا في حي الحمراء في الرياض. وقد تم تصميم الحي الدبلوماسي من قبل نفس المصممين في ذلك الوقت

وفي محاولة ترسيخ هوية للعمارة السعودية، تبني العديد من المعماريين العناصر والمفاهيم المحلية التقليدية والعناصر العربية الأخرى للتصميم. وقد انعكس هذا على توجهات ما بعد الحداثة التي كانت نمطا سائدا في العالم في تلك الفترة. وكانت تهدف تلك المحاولات إلى خلق هوية إقليمية للعمارة بناءا على استعمال العناصر التراثية

في أواخر التسعينيات، شهدت مدينة الرياض نمو غير مسبوق في عدد السكان مما أدى إلى إعادة النظر لخطط واستراتيجيات مدينة الرياض. وبالرغم من متطلبات زيادة الكثافة الحضرية، فقد بقيت مساحات الأراضي وأنماط المساكن مشابهة لنماذج البناء السابقة. ويمكن وصف الفلل الحديثة بأنها منازل امتزجت بالطابع الغربي للفلل التي تم تطويرها لتلبي احتياجات الأسرة السعودية، فعلى سبيل المثال، تم بناء مجالس الرجال والنساء المستقلة في الجهة الأمامية من المنزل لتلائم تقاليد الضيافة. بينما تتوسط غرفة المعيشة المنزل لتضم مختلف أنشطة العائلة، و تكون المطابخ منفصلة أو بعيدة عن أماكن المعيشة الرئيسية. و اتسمت عمارة المساكن في الرياض بعناصر تراثية مستحدثة ، حيث نتجت هذه الممارسات غالبا من تمثيل الملاك لدور المعماري في التصميم والتنفيذ  

يعتبر التوسع الأفقي السمة البارزة لتمدد مدينة الرياض، على الرغم من الاتجاه لزيادة الكثافة في وسط المدينة مثل طريق الملك فهد الذي شهد إنشاء عدد من المباني المرتفعة ، مما ساهم في التمدد والنمو العمودي.، وقد حددت البلدية شروط تخص ارتفاعات المباني في العديد من الأحياء. ويعد المركز المالي الأول في تطبيق مفهوم التمدد العمودي حيث يضم 12,000 وحدة سكنية في 24 عمارة 

 من المرجح أن يكون للجوانب البيئية والاقتصادية دوراً رئيسًا في تشكيل أنماط الإسكان المستقبلية. إضافة إلى ذلك، ينبغي بذل الجهود لفهم إمكانية الاستفادة من بيئتنا البنائية والتفاعل معها، وآثار البنية والمادة على تشكيل تجاربنا للسكن

 

إن التحول الكامل في مساكن الرياض يحاكي التغيرات في نمط حياتنا فيما يتعلق بالمكان الذي نسكنه. من بيوت الطين إلى الفلل الإسمنتية الحديثة الكلاسيكية. ستتركز جهودنا على إعادة تأهيل هوية المدينة وتوحيد مفهوم عمارتها بهدف تعزيز اتجاهنا المعاصر في الحياة السعودية. وستلعب الظروف البيئية والاقتصادية دورا مهما في تشكيل الأنماط السكنية المستقبلية. بالإضافة لذلك، يجب توجيه الجهود لفهم كيف نتكيف ونتفاعل مع البيئة المحيطة والخامات والمواد في تشكيل تجربتنا المعيشية

بحث و كتابة: سارة العيسى | نجود السديري